الفقيه الأديب أبو العباس احمد بن محمد ابن الونان الحميري النسب التواتي الأصل الفاسي الدار والمولد والمنشأ. كان سلفه بفاس يدعون أولاد الونان لا يعرفون إلا بذلك، والمولى محمد بن عبد الله الممدوح بهذه القصيدة كنى والد الناظم بأبي الشمقمق تشبيها بالشاعر الكوفي الماجن الذي نقرأخباره الظريفة في الأغاني، والعقد الفريد، والكامل وغيرها من كتب الأدب. فعلقت به هذه الكنية وأصبحت علما عليه لا يدعى إلا بها إذ كان نديم السلطان ابن عبد الله كان أبوه شديد الصمم سريع الفهم .
ولما تعذر على الشاعر الوصول إلى ممدوحه لمكان الحجابة المضروبة اتخذ شارة كراية وعلا كدية ونادى بالمفرد الرجزي المشطور: ياسيدي سبط النبي *** أبو الشمقشق ابى . هناك عرفه وأمر بإحضاره وأنشده القصيدة فوقعت منه موقعا وأجزل صلته، ورفع منزلته.
كان شاعرا ماهرا، وفحلا هادرا، ذا وجد وإجادة، وقريحة وقادة، وكان عارفا بأيام العرب وأنسابها، ومغازيها وسيرها آخذا لها عن أربابها. وقد أجاد والده تربيته وتعليمه.
أخذ عن جماعة من العلماء كالعلامة أبي عبد الله جسوس، وأبي حفص الفاسي، والشيخ أبي عبد الله محمد التاودي ابن سودة، والعلامة محمد بن الحسن بناني وغيرهم، وأخذ الشعر والأدب عن والده.
والأرجوزة القافية هي أعظم آثاره، وعدد أبياتها 275 وتنقسم إلى ثمانية أغراض شعرية منها النسيب و الغزل و الحماسة والفخر كما تحدي الشعراء أن يأتوا بمثلها. وطبعت مجردة طبعة حجرية ضمن مجموعة من المتون العالمية عام 1315.
ولما احتوته من آداب وأمثال وحكم لها قيمتها اللغوية والأدبية والاجتماعية تناولتها أقلام جمهرة من الشيوخ والأعلام في مقدمتهم شيخ الجماعة الشاعر الكبير المرحوم محمد المكي البطاوري الرباطي توفي سنة 1355 هـ. فكتب عنها شرحا مسهبا يقع في مجلدين بيد أنه لم يطبع بعد. وكتب عنها العلامة الأديب المؤرخ المرحوم أبو العباس احمد بن خالد الناصري ( زهر الأفنان من حديقة ابن الونان ) توفي سنة 1315هـ، طبع طبعتين الأولى بمصر والثانية بدار الكتاب بالدار البيضاء على يد ولديه الأستاذين جعفر ومحمد.
وكتب عنها كذلك الأستاذ عبد الله كنون شرحا مختصرا أبان ما احتوته من ألفاظ قد تكون أحيانا وحشية. وقد عارضها العلامة الأديب الكبير محمد بن محمد بن التهامي بن عمرو الرباطي المتوفى بالحجاز سنة 1243 بقصيدة رائعة مطلعها:
مسحت في الادلاج كل خيفق /// يرآء سبسب يباب سملق
ومنها:
يا أكرم الخلق على الله ويا //// شمس الضحى في مغرب ومشرق