عمَّر الشيخ أبو يعزى فوق المائة سنين كثيرة – واسمه يَلَّنُور – . عرف في المغرب بالانقطاع عن الخلق، وإجابة الدّعوة، والفراسة الصّادقة الجادّة، وكان لا يأكل شيئا ممّا يأكله النّاس، وسُكناه بِأرُجّان، في جبل مع أهله وأولاده، لا يُجاوره بموضعه أحد من النّاس.المستفاد للتميمي، القسم الثاني، ص 28، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، تحقيق د. محمد الشريف، الطبعة الأولى سنة 2002م. أخذ رحمه الله عن جمع كثير من الأولياء، نحو الأربعين، منهم الشيخ أبو شعيب أيوب بن سعيد الصنهاجي الزموري، الملقب بالسارية، لطول قيامه في صلاته، وممن تتلمذ عنه هو: القطب الشهير سيدي أبو مدين الغوث. سلوة الأنفاس للكتاني، 1/186، دار الثقافة، الطبعة الأولى سنة 2004م.
كراماته
قال ابن عربي: ( وكان إذا زنى رجل أو سرق أو شتم أو فعل محرّما ثم دخل عليه، يرى ذلك العضو الذي منه العمل مخططا تخطيطا أسود، وكان أهل المغرب يستسقون به فيسقون). نفسه، ص187. قال عنه صاحب المستفاد: (مشيت معه يوما لحضور صلاة الجمعة في منزل بمقربة من موضعه، فلما وصل الجامع، قام إليه جميع من كان في المسجد الجامع، وشكوا إليه القحط واحتباس المطر، فلمَّا صلّى النّاس، خرج من المسجد ووقف، ورفع يديه والنّاس خلفه، وكان لا يُحسن العربية، ففهمت من كلامه أنّه قال: يا سيّدي، هؤلاء الموالي يسألون هذا العبد أن يسألك الغيث، ومثلي يسألك في ذلك، وأجرى دموعه من عينيه، ويتضرّع ويبكي، فما رجعنا إلى موضعه، ولا برحنا من ذلك الموضع حتّى نزل الغيث، ونزعنا ما كان بأرجلنا من النّعال والأقراق بجري الماء، وعمّت الرّحمة ببركة دعاء الشيخ رحمه الله) المستفاد للتميمي، 2/ ص32،33.
بعض أقواله
- كل حقيقة لا تمحو آثار العبد ورسومه، فليست بحقيقة
- من طلب الحق من جهة الفضل؛ وصل إليه؛ وإلا لم يصل
- أنفع الكلام: ما كان إشارة عن مشاهدة، أو إخبارا عن شهود. سلوة الأنفاس ، ص187.
أقوال العلماء فيه
جاء في التشوف للتادلي قوله: (سمعت أبا علي الصواف يقول: سمعت أبا مدين يقول: رأيت أخبار الصالحين من زمان أويس القرني إلى زماننا هذا فما رأيت أعجب من أخبار أبي يعزى). التشوف للتادلي، تحقيق أحمد التوفيق، ص214، منشورات كلية الآداب بالرباط، الطبعة الثالثة سنة 2010م. وعن كرمه يقول التادلي: حدثني غير واحد أن الناس كانوا يأتون إلى أبي يعزى من كل بلد فيطعمهم من عنده، ويعلف دوابهم، وأن الفتوح كانت تأتيه من إخوانه في الله فينفقها على زائريه، وأن أهل القرى القريبة منه كانوا يضيفون الواصلين لزيارته ويتبركون بهم. المصدر السابق.
شيوخه
لقي رضي الله عنه جماعة من أرباب الطريق وتبرك بهم وأخذ عنهم، وكان يقول: (خدمت نحوا من أربعين وليا لله عزّ وجل، منهم من ساح في الأرض ومنهم من قام بين الناس إلى أن مات). كتاب المُعزى في مناقب الشيخ أبي يعزى للتادلي، تحقيق علي الجاوي، ص71، (د.ط) مطبعة المعارف الجديدة سنة 1996.
تلامذته
يقول التادلي: (فأكبرهم قدرا وأفخمهم أمرا، الشيخ العارف بالله، أبو مدين شعيب بن الحسين الأنصاري ، وأبو زكرياء يحيى ابن محمد بن صالح المزطاوي من بلدة هسكورة، وأبو الصبر أيوب الفهري السبتي وغيرهم كثير. المصدر السابق.
وفاته رحمه الله ورضي عنه وعنا به
توفي الشيخ أبو يعزى في أوّل شوّال، عام اثنين وسَبعين َ وخمسمائة. المستفاد، 2/40. وقد أناف على مائة سنة بنحو الثلاثين، ودفن بجبل ايروجان (ضواحي خنيفرة) أول شهر شوال عام اثنين وسبعين وخمسمائة. التشوف، ص214.
وذكر الكتاني أنه توفي بتاغية بالطاعون شهيدا، وقد أقيمت له زاوية بفاس في مكان إقامته بها حين وفد عليها مستقرا لبعض الوقت وقد أصبحت من أشهر المزارات بالمدينة. ويضيف الكتاني قائلا: « وزاويته المذكورة هي التي بأقصى الدرب المشهور به من حومة البليدة». سلوة الأنفاس، ص189.
