كتاب فصوله وأبوابه ماتعة وشيقة، وذات فائدة جمة، خاصة تلك التي تضم نماذج ونتفا من الرسائل التي كان الشيخان سيدي محمد بن ناصر وابنه سيدي أحمد المشهور بـالخليفة يتبادلانها مع تلامذتهما ومحبيهما، او مع فقراء الطريقة ومريديها في سائر البلاد والأصقاع بالمغرب وخارجه. ومن اهم تلك المراسلات، ما كان بين سيدي أبي علي الحسن بن مسعود اليوسي وشاعر المغرب الكبير أحمد بن عبد القادر التستاوتي، وبين الشيخين سيدي محمد وسيدي احمد الخليفة.
كما يتضمن الكتاب إشارات ونصوصا غاية في الأهمية من الناحية التاريخية، تتعلق بركب الحاج الناصري، خصوصا وانه لم يكن مجرد جمع من الخلق يسيرون في طريق الحج لأداء ما افترضه الله من زيارة القبر الشريف والصلاة بالمسجدين وأداء المناسك، بل كان جامعة علمية متنقلة. وقد ذكرت الرحلتان الناصريتان الكبرى والصغرى بعض ما كان يعرفه ذلك الركب من مساجلات ومناظرات علمية وما كان يحصل بين الشيوخ الناصريين وبين العلماء الاجلاء من البلاد التي يمر بها الركب، من مراجعات وتبادل للإجازات وتعرض لمسائل الدين بالفتوى والنظر في اللغة والشعر والادب بعين التحقيق والتدقيق.
والكتاب، فضلا عن هذه الذخائر حافل بتراجم الاعلام السادات من شيوخ الزاوية الناصرية، وكراماتهم، ومناقبهم، وسيرهم، ونماذج كثيرة من القصائد التي نُسجت في مدحهم والتغني بجليل أعمالهم، وجميل أخلاقهم وتربيتهم وسلوكهم.