هو سيدي اَمْحمد بن علي بن اِبراهيم الهوزالي السوسي ولد في قرية تدعى تزيط على بعد 60 كيلومترا من مدينة تارودانت جنوب المغرب، قرية لم يتبق منها اليوم الا أطلال دارسة ومنازل داثرة. منها بيت هذا العالم الجليل، وهو معروف بين سكان القرى المجاورة ب “تِكَمي نْ شِيخْ” باللهجة السوسية، ومعناه بيت الشيخ. وقد اشار الشيخ الجليل إلى اسمه ونسبه الثلاثي، نظما في بداية كتاب الحوض بالأمازيغية: ءِيناء اِسمكْ ءِيحتَاجان ءَادْ ءَاسْ ءِعفو لْباري ¤¤ مْحَمْد ءُوعلي ءُوبراهيم ءَاوزالي.
ومعناه باللغة العربية: يقول العبد المحتاج إلى عفو الله ¤¤ محمد بن علي بن إبراهيم ءاوزال
اننقل رحمه الله سنة 1091هـ إلى زاوية تمكروت الناصرية بمنطقة درعة جنوب المغرب. كانت هذه الزاوية وما تزال منار العلم وقبلة طلبة العلم في تلك المنطقة وجميع أنحاء البلاد. عاد إلى مسقط رأسه بعد 20 سنة قضاها في طلب العلم، وبعد أن ذاع صيته في قبيلة اندوزال، أسس رحمه الله مدرسته العتيقة المعروفة باسم “مدرسة اكبلن” ليعتكف فيها على الدراسة والتعليم والوعظ والإرشاد والتأليف والترجمة إلى ان توفي رحمه الله سنة 1162هـ.
عرض العلامة الاديب والمؤرخ الاريب محمد المختار السوسي في كتابه سوس العالمة، نبذة من حياة سيدي اَمحمد بن علي الهوزالي لكن بعض ما جاء في تلك النبذة لم يكن صحيحا، كمثل قوله: (وكان محمد بن علي الهوزالي فتك بإنسان من اهله، فهرب إلى تَمكْروت…).
وكان سيدي اَمحمد ترك قريته – تزيط – وهو شاب في العقد الثاني من عمره متجها الى الزاوية الناصرية -أسسها أبو حفص عمرو بن احمد الأنصاري سنة 983هـ في الجنوب الشرقي من المغرب في قرية تمكروت قرب وادي درعة – لطلب العلم وتحصيل المعرفة، قالتقى هناك بأقطاب الطريقة الناصرية خاصة سيدي محمد بن ناصر وابنه وخليفته من بعده سيدي احمد الخليفة، فأخذ ونهل واغترف من علوم الفقه والحديث ومن علوم الادب واللغة، وعلا شأنه عند شيخه، لما رآه منه من الجد والاجتهاد والالمام بأمات العلوم في ذلك العصر. ثم أرصده سيدي أحمد بن محمد بن ناصر ليحمل مشعل العلم إلى بلده.بعد عودته، اعتكف الشيخ الهوزالي في المدرسة العتيقة التي اسسها لتلقين أهل الطلبة علوم القرآن والفقه والحديث، كما اعتكف على التأليف، ومن أشهر كتبه كتاب: بحر الدموع، وهو عبارة عن قصائد شعرية صوفية كان يَتعبد بها ويناجي بها ربَّه وقد حفظها عنه من كانوا يجالسونه ويشتركون معه في الذكر رغم كون أغلبهم اميين. وكتاب: الحوض، وهو أول ترجمة لكتاب مختصر خليل إلى اللغة اللهجة السوسية. وقد أسهم هذا الكتاب الذي يحفظه أغلب سكان اندوزال والقبائل المجاورة وصولا إلى تارودانت، في ذلك الوقت وحتى اواخر التسعينيات من القرن الماضي، أسهم في نشر المذهب المالكي عامة وتمكين المغاربة المتحدثين بالأمازيغية السوسية من تملُّك المعرفة الشرعية والعلم الفقهي اللازم لعبادة الله.
اشتغل سيدي اَمحمد بن علي الهوزالي بعد عودته من تمكروت بالتدريس والتأليف والارشاد وازالة البدع ثم تابعه اهله إثر وفاته عام 1163 هـ في ذلك الميدان.
وممن اخذوا عن الشيخ الهوزالي: الشيخ اَمحمد بن احمد الحضيكي التارسواطي المانوزي المتوفى سنة 1189هـ. يقول عن شيخه سيدي محمد الهوزالي: كان من اشياخنا وبركات بلادنا وصلحائها، وممن تدور عليهم امورها، والملجأ والمفزع في المسائل والنوازل، وانتفع به الخلق وقام بإصلاح الامة واعتنى بإرشادهم واقامة رسوم الدين وأحيا كثيرا مما اندرس من السنن وأخمد كثيرا من البدع، وألف للناس في ذلك كتابا بالغ فيه نظما ونثرا عجمية وعربية، توفي بالوباء سنة 1162 هـ.
ومن الذين أرخوا لوفاة الشيخ الهوزالي، تلميذه الشيخ عبد الله بن احمد من ءازاغار ن – ءيمسليلن الهلالي العالم المقريء بزاوية سيدي عبد الله بن ءيبورك المتوفى سنة 1214هـ يقول: مات بالوباء من الفقهاء في سوس ومراكش شيخنا سيدي محمد بن علي ءاكبيل سنة 1162هـ.
توفي سيدي اَمحمد بن علي بن إبراهيم الهوزالي عن سن تناهز الثمانين في قرية توريرت التي يوجد بها إلى يومنا هذا المسجد الذي أسسه و به قبره وبجانبه حفيده من اِبنته الوحيدة مَلْمَانْ بنت اَمحمد بن علي واسمه اَمحمد بن سعيد وكان اهو أيضا من الفقهاء الورعين المشهود لهم بالغوص في اعماق العلوم الدينية وتدريسها حيث قال عنه الشيخ المختار السوسي :” رجل عظيم في تعليم القرآن ونصر المظلوم ونصح المسلمين واصلاح ذات البين، ظهرت له بركات وكرامات توفي سنة 1232هـ وقبره هو المشهور ازاء قبر الشيخ سيدي مَحمد بن علي الهوزالي، جده لأمه. ويحسب انه أدرك حياته، وانه اخذ عنه لكونه معمرا ككل أهله” وقد اشار الشيخ المختار السوسي إلى توارث آل سيدي اَمحمد بن علي الهوزالي، طلب العلم بقوله في كتابه سوس العالمة: وآل سيدي مَحمد بن علي الهوزالي أسرة علمية تسلسل فيها العلم نحو مائتي سنة، ولما يتيسر لنا جمع رجالاتها”. ومن بين أبرز أحفاد سيدي اَمحمد بن سعيد المشهورين بالعلم وباتباع طريق سلفهم نذكر الفقيه محمد بن يوسف بن عبد الله بن محمد بن سعيد توفي في 21 رمضان سنة 1376هـ، والفقهين العدلين عبد الله ومحمد ابنا عمر بن محمد بن اَمحمد بن محمد بن اَمحمد بن سعيد. ويطلق على هذه الاسرة اسم اِكُورَّامْنْ أو أَكْرَامْ ومعناه بالامازيغية الشريف في نسبه أو المرابط.
نقله محمد المكي بن ناصر