ترسيخا لقيمنا الروحية، وتجسيدا لثوابتنا الوطنية العريقة، والتزاما بمبادئ الوفاء والإخلاص لعهد البيعة الراسخة بين الشعب المغربي والعرش العلوي المجيد، قام وفد من الرابطة الناصرية للتصوف والتراث يوم الخميس السادس والعشرين من اكتوبر 2023م بزيارة ضريح المغفور لهما بكرم الله تعالى جلالة السلطان سيدي محمد الخامس وجلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراهما وأكرم نزلهما وخلد في الصالحات ذكرهما. وكانت للسيد رئيس الرابطة بالمناسبة الكلمة الآتية:
بمشاعر التأثر والحزن العميق، وبعواطف العزة والإباء والفخر بالانتماء إلى هذه الأمة المغربية المجيدة، نقف خاشعين متضرعين مبتهلين إلى الباري عز وجل أن يرحم الملكين المجاهدين جلالة المغفور له محمدا الخامس، بطل التحرير والاستقلال، وجلالة المغفور له الحسن الثاني مبدع المسيرة الخضراء ومحقق وحدة المغرب الترابية، أفاض المولى عز وجل على قبريهما هوامع الرحمة والرضوان وشآبيب المغفرة والإحسان وجزاهما الله عن هذه الأمة المغربية خير ما جازى قائدا عن أمته وملكا عن شعبه.
لقد استرخصا حياة الدعة والركون الى الراحة، وشمرا رضي الله عنهما عن سواعد البناء والتشييد والتحديث والتطوير فارتقت بلادنا في عهديهما إلى مراقي الدول القوية المسموعةِ كلمتُها بين دول العالم شرقا وغربا. والتاريخ حافل بتلك اللحظات والمشاهد واللقاءات والمؤتمرات والمواقف البطولية التي لن تمحى من ذاكرة المغاربة، بل من ذاكرة الأحرار في العالم.
وقد أمد الله تعالى المغفور له محمدا الخامس بتوفيقه وتسديده، فحل عقد الحماية والحجر، وجلا ظلم الخضوع والخنوع، ورفع أعلام النصر بعودته إلى مملكته من منفاه، باستقلال أمتنا وانعتاقها من ربقة الوصاية والحماية الفرنسية البغيضة. ولئن كان أسلافنا رأوه في القمر بشيرا ببزوغ نور الانعتاق والاستقلال، فإننا نراه كل لحظة فيما ندين له به من مشاعر المحبة والوفاء، وما ننعم به اليوم من التقدير والاحترام بين شعوب العالم لمواقفه البطولية آرائه السديدة ونصرته للقضايا العادلة للدول والشعوب.
ثم استكمل خليفتُه ووارثُ سره مولانا الحسنُ الثاني، فجدد من صرح المجد ما بنَاهُ ذلك السلفُ وشادَهُ، وعلا واعتلى كل قرن على ثنيتِه فَسَادَهُ، بطويةٍ يشهد لها قسمُ المسيرةِ، صحيحةٍ، وعزيمةٍ نرى خواتمها اليوم صريحةً بصيرةً موهوبةً من الله ثابتةً ثاقبةً نافذة، وريحٍ مُسخرةٍ له بفضل الله هابَّةٍ غالبة، فكان به وله نصرةٌ من الله واقعةٌ واجبة.
لو انصفوه لقاموا في مشاهده على الرؤوس قيامَ الظل في الماء
نرفع أكف الضراعة إلى الباري عز وجل أن يتغمد بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه ورضاه، فقيدي العروبة والإسلام، مولانا المغفورَ له محمدًا الخامسَ ومولانا المغفورَ له الحسنَ الثاني. اللهم طيب ثراهما وأكرم نزلهما وجدد على قبريهما شآبيب الرحمة وهَوامِعَ المغفرة، وقدس روحيهما في أعلى عليين مع المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
ولأن الفضل من الله يوتيه من يشاء، فإننا ننعم اليوم ببقاء هذه الأمة شامخة مرفوعة الرأس بين الأمم، نرفل في نِعَم الأمن والأمان والتقدم والاستقرار، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك سيدي محمد السادس نصره الله وأيده. فاللهم بمدد أهل المدد في الأرضين والسموات، يا من هو بكل شيء محيطٌ، يا نعم المولى ونعم النصير، انصر مولانا الإمام بعز نصرك الذي نصرت به موسى وأعذت به عيسى وشملت به يوسف وأغثت به يونس وأيدت به عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم. اللهم أفض له منك بعظمة سلطانك فتحا ومددا، وأترع حياض عزه ونصره من عزك ونصرك، واجعله يارب أبدا دائما سرمدا في كفايتك ووقايتك وعنايتك ورعايتك وحياطتك وكلاءتك وحراستك وولايتك وكفالتك وخفارتك ومنعتك، موفورَ الصحة مشمولاً منك بالعافية. اللهم أقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن وأنبته اللهم النبات الحسن، وشد أزره بشقيقه مولاي رشيد، واحفظه في سائر أفراد عائلته الملكية الشريفة، واحفظه في شعبه الوفي، وأره اللهم من شعبه ما يسره ويقر عينه من واجب الطاعة والسمع والإخلاص والتشبث الدائم بأهداب العرش العلوي المجيد، بشعار مملكتنا الخالد: الله الوطن الملك.
حرر بزاوية الشيخ العارف بالله الفقيه العلامة سيدي مَحمد بن البشير بن المدني الناصري – الظل –
افران الاطلس الصغير لسبع مضين من شهر ربيع الآخر 1445 هـ الموافق 23 أكتوبر 2023 م.
محمد المكي بن ناصر رئيس الرابطة الناصرية للتصوف والتراث والتنمية