التأمت برحاب الزاوية الناصرية -الظل- إفران الاطلس الصغير، بتوفيق من الله، جموع ميمونة مباركة من العلماء والفقهاء ورؤساء وأعضاء المجالس العلمية وعشرات الطلبة من حملة كتاب الله، وأعداد غفيرة من مقدمي ومريدي الطريقة الناصرية الشاذلية بأقاليم تيزنيت، سيدي افنـي وكلميم، يومي الخميس والجمعة الثامن والتاسع من شهر ذي القَعدة 1445 للهجرة، الموافق للسادس والسابع عشر من شهر ماي 2024 بمناسبة الملتقى الديني السنوي التاسع والسبعين لزاوية الشيخ الفقيه العلامة، العارف بالله القدوة الناسك سيدي محمد -فتحا- بن البشير بن المدنـي الناصري الجعفري.
وبعد إخراج سلك من القران الكريم، وتلاوة نصوص من الأمداح النبوية والابتهالات الربانية، رتل المقرئ سيدي البشير الداودي، الإمام والخطيب بمسجد المسيرة وعضو المجلس العلمي المحلي بكلميم، آيات بينات من الذكر الحكيم، ثم ألقى السيد محمد المكي بناصر رئيس الرابطة الناصرية للتصوف والتراث والتنمية، الممثل العام للزاوية والطريقة الناصرية بإقليم تيزنيت وجهات كلميم وادنون ، العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب، على مسامع الحاضرين كلمة ترحيبية باسم الرابطة والزاوية الناصرية، نوهت بالسادة أصحاب الفضل الحاضرين، وأشاد فيها بدور التصوف ووظيفته الإرشادية التربوية الإصلاحية، داعيا الى تكثيف الجهود وإخلاص النيات، والتنسيق بين المجالس العلمية الموقرة، والمدارس العلمية المنيفة، والزوايا الصوفية التربوية بالمنطقة لإدماج قيم التصوف في النموذج التنموي بالمنطقة وتخومها، واستثمار آدابه ومُثُله ومناقبِ مشايخِهِ في بناء الإنسان وتزكية النفس خدمة للصالح العام. وتضرع في ختام كلمته إلى الباري عز وجل أن ينصر بنصره ويعز بعزه بدرَ التتمة، وإمامَ الأمة، وحافظَ الملة، أميرَ المؤمنين وسبطَ الرسول الأمين جلالة الملك محمدًا السادسَ ويحفظه بالسبع المثاني ويقر عينه بولي عهده المحبوب الأمير الجليل مولاي الحسن ويشد أزره بشقيقه الرشيد مولاي رشيد ويحفظه في أسرته وشعبه، ويتغمد الملكين فقيدي العروبة والإسلام المغفور لهما: بانـي المغرب الحديث، ومبدع المسيرة الخضراء المظفرة، الملكَ الحسنَ الثانـي وبطلَ التحرير والاستقلال محمدًا الخامسَ بواسع رحمته، ويجدد على ضريحيهما ديم الرضا والرضوان والمغفرة والغفران.
بعد ذلك، تفضل السيد ابراهيم عتيق عضو المجلس العلمي المحلي بكلميم بإلقاء كلمة حول التزكية باعتبارها مدخلا للحياة الطيبة، تدخل بعده السيد رئيس رابطة الشرفاء اليعقوبيين، لينوه بالطريقة الناصرية الصوفية المبنية على أسس العلم والصلاح والتقوى، ويذكرَ بعضَ مناقب العالم العارف بالله سيدي محمد فتحا بن البشير الناصري. ثم قام بعده السيد محمد الجيلالي، منسقُ عمل المرشدين والمرشدات بكلميم بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم بالطريقة المغربية الأصيلة، أثارت عواطف الحاضرين وغشيتهم بها السكينة والرحمة. جزاه الله خير الجزاء من فضله.
وفي كلمته الماتعة النافعة، نوه السيد فهد العيساوي، عضو المجلس العلمي المحلي بكلميم بالتصوف وذكرَ بعض خصائص التصوف المغربـي السنـي الجنيدي الوسطي القائمِ على السلوك وَفق منهج الشريعة والحقيقة.
وتناول السيدُ الفقيهُ الحسن شندرو، أحدُ قدماء طلبة الفقيه رحمه الله تعالى، الكلمةَ عقب ذلك، فشكر الحاضرين على تلبية الدعوة، ونوه بدور الزاوية على إتاحتها فرصة اللقاء، داعيا إلى استثمار مثل هذه اللقاءات لتثبيت دعائم السلوك الصوفي في النفوس.
وفي كلمته باسم المجلس العلمي لسيدي افنـي، تحدث شيخنا السيد البشير الهرجانـي عضوُ المجلس، عن دور التصوف فـي تحقيق الأمن الروحي وأهميةِ نبذ العصبية الطرقية المذمومة، وإخلاص العمل لتحقيق التزكية والسمو إلى مراتب المراقبة وجهاد النفس.
كما تدخل في الحفل، السيد رئيس المجلس العلمي بتيزنيت الأستاذ سيدي الحاج محمد الصالحي، فنوه بدور الأسر العلمية الصوفية بالمنطقة ودعا إلى مواصلة العمل الجاد لتحصين ما تم تحقيقه من نهضة علمية تربوية إصلاحية للسلف، والإضافة إليها واغنائها وتثمينها.
وفي كلمته، ربط السيد رئيس المجلس العلمي المحلي بكلميم بين التصوف وتحديات عصر العولمة والتكنولوجيا الحديثة، ودعا إلى العمل على تخليص النفوس من إِسَار النزعة المادية التـي ما فتئت تتنامى وتجرف معها ما تبقى من رصيد القيم الروحية للتصوف. ثم عرج على دور الزاوية الناصرية بتمكروت في نشر العلوم اللغوية والدينية الشرعية بسوس خاصة وبالمغرب عامة، ذاكرا خزانتها العلمية العامرة ونهوض شيوخها وطلبتهم المنتصبين للتدريس والتربية بمدارس سوس العتيقة بمهام التلقين والتدريس والتربية. ثم رفع الحاضرون أصواتهم بقراءة ارجوزة الدعاء الناصري. فأدى الحاضرون صلاة الظهر جماعة، ثم قُدم الغداء.
وقبل أن يختم السلكةَ السيدُ عميدُ طلبة المنطقة من حفظة كتاب الله، السيد الحسين بلفقيه، حفيد العلامة سيدي الطاهر بن محمد الإفرانـي، تلا السيد رئيس الرابطة الناصرية للتصوف والتراث والتنمية، برقية ولاء واخلاص مرفوعةً الى السدة العالية بالله، أمير المؤمنين وسبط الرسول الأمين جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، هذا نصها:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله رسول الله
مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة والمهابة سيدي محمد السادس
ألبسكم الله حلل الصحة والعافية، تكلؤكم عين رعايته وعنايته، وتــرعاكم جنوده سفـرا وحضـرا
بعد تقديم ما يليق بالجناب النبوي الشـريف، من فـروض الطاعة وواجب الولاء والإخلاص، يتشـرف خديم الأعتاب النبوية المولوية، رئيسُ الـرابطة الناصـرية للتصوف والتــراث والتنمية، أصالة عن نفسه ونيابة عن أعضاء المكتب التنفيذي، وجميع العلماء والفقهاء ورؤساء وأعضاء المجالس العلمية المحلية لإقليمي تــزنيت وكلميم ومـريدي الطــريقة الناصـــرية الشاذلية وكافة الإخوة المؤمنين من أهل الله الفقـراء ومحبـي التصوف المشاركين فـي الملتقى السنوي الدينـي التاسع والسبعين لــزاوية الشيخ البشير بن المدنـي الناصـري – الظل – إفـران الأطلس الصغير، المنعقد بـرحاب الـزاوية أيام 08 و09 ذي القَعدة عام 1445 للهجــرة الموافق ل 16 و17 ماي 2024 للميلاد، أن يـرفعوا إلى مقامِكم العالي بالله، المؤيدِ بالألوية المنصوبةِ من ملائكة الله، المحفوظِ المصونِ بعين عنايةِ جند الله، آيات الولاء والإخلاص والتعلق الدائم بأهداب العـرش العلوي المجيد، مباركين ومؤيدين جميع خطوات ومبادرات جلالتكم السديدة الموفقة، معلنين تجندهم الدائم وراء عـرش جلالتكم يا مولاي للذود عن الحمى وصون مكتسبات هذه الأمة المغـربية العـريقة التـي أعزها الله، ونصــرها، وأحلها ذرى المجد ، بجلالتكم وبأسلافكم السلاطين العلويين الأماجد الصيد، جدد الله عليهم سحائب الـرضا والـرضوان وهوامع المغفـرة والغفـران، واسكنهم من الغـرف أعلى الجنان، مع النبـي العدنان صلى عليه ربنا الـرحمان فـي كل زمان وأوان.
حفظكم الله يا مولاي بما حفظ به السبع المثانـي والقرآن العظيم، وأبقاكم ذخـرا وملاذا لشعبكم المخلص الوفـي، وأعـز أمـركم ونصــر جندكم، ووهبكم ريحا طيبة مباركة من خزائن رحمته هابة غالبة، وخلد فـي الصالحات ذكركم، وحقق على يديكم الكريمتين وتحت ظل عـرشكم الوارف المنيف، ما تنشدونه لهذه الأمة المغـربية الأبية الأصيلة من رفعة وسؤدد وأمن ورخاء، وأقر عينكم بولي عهدكم الأمير الجليل مولاي الحسن، وشد أزركم بشقيقكم صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وباقـي أفراد أسرتكم العلوية الشريفة، إنه سميع قريب مجيب. والسلام على المقام العالي بالله ورحمته تعالى وبــركاته.
﴿الله يبارك فـي عمر سيدي﴾
وحرر بزاوية الشيخ البشير بن المدنـي الناصري -الظل-إفران الأطلس الصغير فـي 08 ذي القَعدة 1445 هـ الموافق ل 16 ماي 2024 م.
خديم الأعتاب المولوية الشريفة محمد المكي بناصر الناصري رئيس الرابطة الناصرية للتصوف والتراث والتنمية
وفي الختام، رفع المشاركون في هذا الحفل الديني من العلماء والفقهاء ورؤساء وأعضاء المجالس العلمية والفقراء ومريدي الطريقة الناصرية أكف الضراعة الى الباري عز وجل أن ينصر أمير المؤمنين ويلبسه أردية الصحة والعافية ويقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن ويشد عضده بشقيقه مولاي رشيد ويحفظه في سائر افراد عائلته الملكية العلوية الشريفة، ويحقق على يديه الكريمتين ما يصبو اليه الشعب المغربي تحت قيادته الرشيدة الحكيمة من تقدم ورخاء وازدهار ونهضة وعمران. كما دعا الحاضرون رب العزة والجبروت أن يجدد على ضريحي الملكين المجاهدين المغفور لهما جلالةِ الملكِ الحسنِ الثاني وجلالة الملك محمدٍ الخامس شآبيب الرحمة والرضوان ويَجزيهُما عن شعبهما خير ما جزى قائدا عن شعبه وأميرا عن رعيته.
وفي الجلسة المسائية من الملتقى، استمر توافد فقراء ومريدي الطريقة الناصرية إلى حين وقت صلاة المغرب. وبعد الترحيب بالجميع، رُفع الأذان، وأقيمت الصلاة، ثم تلي الحزب الراتب جماعة، فالأذكار الناصريةُ مرتبة، رفعت بعدها أكف الضراعة إلى الباري عز وجل أن يحفظ أمير المؤمنين وسبط الرسول الأمين، ويقر عينه بولي عهده الأمير المحبوب مولاي الحسن ويشد أزره بشقيقه الرشيد مولاي رشيد ويحفظه في أسرته الصغيرة والكبيرة ويحقق على يديه الكريمتين ما يصبو اليه من رقي المملكة وازدهارها وارتقائها فـي مصاف الدول والأمم.
وقد تخلل الجلسةَ المسائيةَ دروسٌ في الوعظ والإرشاد باللهجة المحلية وباللغة العربية، كما تليت مقاطع من نظم سيدي علي أوزال باللهجة الامازيغية، تناولت الطهارة والصلاة والفرائض والسنن، قياما بدور الزاوية في تعليم الناس أمور دينهم. وبعد صلاة العِشاء، تناول الضيوف طعام العَشاء، وواصل الحاضرون الاستماع لمختلف كلمات الوعظ والإرشاد المقدمة من الفقهاء والعلماء الحاضرين واستمرت حتى الواحدة صباحا. وبعد صلاة الفجر، قُرئ الحزب الراتب، وتناول الضيوف طعام الإفطار، ثم تناوب الفقهاء في القاء خطب ودروس مختصرة حتى التاسعةِ صباحا، لينتقل الجميع الى ضريح الجد سيدي المدني الناصري حيث كان الختمُ بالدعاء لأمير المؤمنين بالنصر والعز والتمكين وللشعب المغربي باطراد الأمن والأمان والتقدم والرخاء تحت القيادة الرشيدة لأمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين جلالة الملك سيدي محمد السادس نصره الله نصرا عزيزا مؤزرا، وألبسه حلل الصحة والعافية، والسلامة والمعافاة، وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن وشد عضده بشقيقه السعيد مولاي رشيد. هو ولي ذلك والقادر عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
حرر بزاوية الظل الناصرية يوم الجمعة لتسع مضين من شهر ذي القَعدة عام 1445 للهجرة موافق 17 ماي 2024
محمد المكي بناصر
الممثل العام للزاوية والطريقة الناصرية بإقليم تيزنيت وجهات كلميم وادنون والعيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب
رئيس الرابطة الناصرية للتصوف والتراث والتنمية
