لأن الشيوخ الناصريين يحرصون على مراعاة أحوال المريدين الاجتماعية وظروف معايشهم في الحضر والسفر، فقد كانوا يختارون لكل فرد او جماعة حسب جنسها وانتمائها الاجتماعي وظروف عملها ما يناسبها؛ ونتيجة لذلك قيل ان الطريقة الناصرية ملائمة لكل الطباع، وقد ساهمت هذه الخاصية في انتشارها وذيوعها بين مختلف الفئات والطبقات.
يقول الشيخ المربي العارف بالله سيدي محمد بن ناصر، متحدثا عن ورد الطريقة العام: (وإذا فرغتم من الأذكار المأثورة بعد صلاة الصبح، فقولوا: أستغفر الله مائة مرة، اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مائة مرة، لا إله إلا الله ألف مرة؛ ويزاد عند تمام كل مائة محمد رسول الله. وإن استطعتم ألا يفتر لسانكم عن لا إله إلا الله، في كل وقت وحين فهو الكمال).
هذا ما يتعلق بالورد العام الخاص بفئة الرجال الذين يعانون القراءة. اما الذين لا يستطيعون القراءة من العوام فحسبهم سبعة الاف من لا إله الا الله. كما خصص الناصريون للنساء وردهن، وهو مائة من الاستغفار ومائة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومثلها من لا إله الا الله.
نفهم من هذا التوزيع أن مؤسس الطريقة الناصرية كان يراعي أحوال الناس وظروفهم واحوالهم من التفرغ او عدمه: فما يكلف به طالب العلم، أخف مما يكلف به العامي الذي لا يقرأ. وكذلك بالنسبة للمرأة المطلوبة حسب جنسها وطبيعتها الفيزيولوجية بالتزامات البيت وتربية الأبناء وغير ذلك مما يدخل ضمن وظيفتها الاسرية والاجتماعية. ومن باب عدم الحصر لمن أراد بلوغ المزيد من الاجر عند الله تعالى، ترك الشيخ باب الزيادة في الذكر مفتوحا، وذلك قوله: (وليس ذلك العدد ما يفعله المريد، بل كل حسب طاقته وتوفيق ربه) وقوله رحمه الله: (وإن استطعتم ألا يفتر لسانكم عن لا إله إلا الله، في كل وقت وحين فهو الكمال).
اما زمنه فيمتد ما بين الفجر وطلوع الشمس. فان قام به فبها ونعمت، وان لها عنه فليقم به متى تيسر له وسمحت مآربه ومشاغله الدنيوية في الكسب وطلب الرزق.
والواضح من رسائل الشيوخ الناصريين انهم لا يأمرون مريديهم بالمواظبة على اورادهم فقط، بل كانوا يحضونهم على صلة الرحم وعيادة المرضى والإحسان إلى الناس وحسن الظن بالله تعالى وبعباد الله، وغير ذلك من أخلاق الإسلام الماثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
محمد المكي بن ناصر